في عيد الحب : 5 أسئلة يجب أن تفكر فيها قبل أن تفتح قلبك | دفتر الغائب


لم أصدق نفسي حين إنتهيت من وضع المسوّدة الأولى للأسئلة الخمسة التي اخترتها حسب إعتقادي بإحتمالية وقوعها فى خاطر كل عاشق له نصيب من التفكير.  فهل كنت أنا من فكر بتلك الأسئلة! فقد كٌنتُ قبل عامين تحديداً من تلك اللحظة التي أكتب فيها الآن تدويني عن الحب في عيده؛ على إيمان يصل إلى حد التسليم بأن الحب كيان أسطورى، لا يتحقق سوي على شاشات السينما ولا تكمن تفاصيله إلا في خيال المؤلفين والأدباء! نظرتُ إلى الورقة الصغيرة لأتأكد من أن الكلمات المكتوبة بخطي فعلاً، ثم إبتسمت وأنا أتذكر كل ليلة أسرفتُ في شرب الدخان بحجة التفكير. كما أننى وبدون سبب محدد، أسرفتُ حينها أيضاً في تناول الأحزان، وهو ما أخشي منه على قلبك وعقلك ثم جسدك بالتبعية.
هل يُمكن لقصص الحب والرومانسية الناعمة أن تجلب لأصحابها الحزن والاكتئاب؟ بالتأكيد نعم. فمن الحب ما قتل. وقد لا يكون إختيارى لتلك المقدمة الدرامية موفقاً، خاصة في يوم عيد الحب أو (الفلانتين) كما نسميه في مصر، لكنني فضلت أن أترك الورود لبائعيها وحامليها، الهدايا والقلوب الحمراء لأصحابها، والصور التذكارية لمن يبتسمون فيها. ولأكتب رسالة لشخص أخر يُشبهني، يبحث عن معانى الحب وآثاره الجانبية قبل أن يبحث لقلبه عمَّن يسكنه.

-لا تنسي قول ابن الفارض: " أنتَ القتيلُ بأيِّد منْ أحببتهُ، فاخترْ لنفسكَ في الهوى منْ تصطفي". 
وفي قصيدته (الحزن) يقول الشاعر نزار قباني: "أدخلنى حبك سيدتى مدن الأحزان.. وأنا من قبلك لم أدخل مدن الأحزان، لم أعرف أبداً أن الدمع هو الإنسان.. وأن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان".
 كما سمعتُ الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي يقول: "والحب طفلٌ متي تحكُم عليه يقُل ظلمتى.. ومتي حَكّمتَهُ ظَلمَ".

وما الحب إلا فكرة

-لماذا نُحِبُ من الأصل..؟ وهنا أقصد بالحب (العاطفة الرومانسية) التي تنشأ بين طرفين لا يجمعهم سوي الحب، ولم أقصد تماماً تلك المحبة الطبيعية بين طالب علم وأستاذه مثلاً، أو العاطفة الأصيلة بين أم وطفلها، أعنى الحب "الكذبة الصادقة" التي قال عنها محمود درويش. فلماذا أُحبُ أصلاً، لماذا أدخل في علاقة يُفترض لها أن تكون أبدية مع شريك آخر؟ فليكن هذا هو سؤالك الأول. أما عن تحديد ماهية الحب تفصيلاً لجعل السؤال أكثر منطقية، فهو يشبه تحديد (شكل الجنين) بناءاً على (النشوة) التي شعر بها الأبوين قبل ولادته! العشق والغرام، الولّه والهُيام.. وكل إسم للحب هو شعور خاص جداً، يصفه كل من ذاق الصبابة حسبما كان كأسه. لذا فقبل أن تشرب الدواء دعني أخبرك بأن "فيه سُمٌ قاتل" لا تشربه قبل أن تتأكد من أنك تريد ذلك فعلاً.

-لقيس ليلته، أما أنا فمن لي..؟ تحدث صديق لى عن حبيبته التي أوشك على الزواج منها فقال لي: "أنا فعلاً بحبها أوي،كفاية إنها بنت ناس ومحترمة" إبتسمت وأن أدعوا له بالتوفيق، لكننى لم أجرؤ على سؤاله إن كان متأكداً من أنها المحترمة الوحيدة على وجه الأرض، أو أن باقي البنات من سلالات مختلفة عن الناس! من باب حسن النيّة تمنيت أن يكون وصفه من باب ما قَلّ ودَلّ. سرٌ صغيرٌ يمكنك أن أخبرك به لتعرف مدي جدوي إجابتك على سؤالك التاني وهو: أن لا تجد إجابة من الأصل!  فالغارقون في الحب لا يعرفون أبداً الأسباب، إنهم يغرقون فحسب دون أن يحاولوا التفكير في سبيل للنجاه! نعم، إنهم يملكون الخياشيم. وذلك إن إعتبرنا "الحب بحر مالوش آخر" كما في كلمات أغنية علاء عبد الخالق، وهو مغني مصري يعرفه جيل الثمانينات بالذات.

دفتر الغائب، مدونات، ثيودورا، عيد الحب

-كيف أريد لعالمي الصغير أن يدور..؟ كلنا يحمل خطة لحياته أو شكلاً مرسوماً حتي وإن كان خيالياً، وعليه فإننا نعرف إلي أين نريد الوصول، وكيف سنصل تحديداً. وأحياناً قد لا تتوافق الخطط مع وجود شريك آخر من الأصل، ربما لخطورتها أو لعدم ضمان العواقب. وهو ليس عيباً أو نقصاً أن نفكر فيما إذا كان الطريق يتسع لإثنان أم واحدٍ فقط! "رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه" فلم يؤذى من حوله. مثلاً: لو أنني قررت أن أعيش حياتي مسافراً فى البلاد البعيدة، دونما أن أستقر في مكان محدد لفترة زمنية معلومة، فهل يمكنني حينها أن أختار شريكة لحياتي من عاشقات الإستقرار والبيتوتية؛ ثم ألومها فيما بعد إن ضاقت ذرعاً برحلاتي؟! لا أظن ذلك. ولا أظن أن شخصاً لا يعرف كيف يمكن أن تسير حياته الشخصية هو قادر أو مؤهل لإختيار من يقاسمه تلك الحياة.

-ماذا لو بدأت الحرب، فهل ينتهي الحب..؟ وهو السؤال الرابع الذي لا يعرف إجابته سواك.

-وما نحن من القدر المحتوم..؟ يقولون أن الحب يصنع المستحيل، فهل تؤمن بذلك؟! أنا شخصياً لا أومِنُ بذلك تفصيلاً، وأري أن المحبين هم من يصنعونه لا الحب نفسه! لكن وما الفرق، أراك تلعن فذلكاتى المُتفلسفة، لذا دعني أحاول توضيح الأمور؛ الفكرة أن الحب ومعانيه كيان منفصل تماماً عما يصنعه عاشقان من (الحب)، وهو ما يصلُح تماماً لخلق (علاقة قوية) بين طرفين، تنشأ تلك العلاقة حين تضاف النون إلي الحب المجرد، حين يصبح (حُبُنا) قادرٌ على محاربة العالم. –أنا وأنت؟ ضد العالم- .. قد لا نعرف ما يُخبئه لنا الغد، للقدر جُعبَته المدهشة. لكن هل تستطيع أيدينا المرتعشة أن ترسُم حياة جديدة كل دقيقة! قَدَراً آخراً يرسمني أنا وأنت نبتسم بإطمئنان حتي وإن هاجمتنا الصواريخ النووية؟ الإجابة الوافية للسؤال الخامس: تَصلُحُ للإستخدام في أغراض الارتباط والزواج.  

إلى: أم المعاني وساحرة الحكايات.. حبيبتي (ثيودورا)

ليست هناك تعليقات