الحب أم الويسكي : ما بين رصيدك في البنك ورصيدك في الحياة
أين يمكن لنا أن نجد الحب المجاني في
عالم رأسمالي تحكمه الماديات أو عالم افتراضي تسيطر عليه الروبوتات؟
سؤال استنكاري لا أتوقع له إجابة،
لكنني ما زلت أستطيع أن أقدم شبه جواب في محاولة يائسة للتخلص من أثر الحزن
الممزوج بالويسكي الرخيص.
الحب من وراء زجاج محل الحلويات
كنت أعمل في محل لبيع الحلويات منذ فترة فلاحظت مرور العديد من "أطفال الشوارع" أمام زجاج المحل رغم شهرته بغلاء الأسعار، لم أستغرب إذ كان "الديكور" الذي نقوم بتلميعه ليل نهار –كموظفين في المحل-له عامل كبير في جذب العملاء وخاصة الأطفال. سألت حينها مدير المحل هل نملك من أمر توزيع بعض المنتجات شيئاً إن وقعنا في أزمة طفولية من الحب الزجاجي للحلوى؟ فقال لي: "انسى يا حنين، اللي ماعهوش ميلزموش". كان مديري يمثل الحقيقة –عرفت مع الوقت أنها تمثل خلفية لكل الأمنيات- وكنت أنا محض مخرّف يحاول أن لا يحجب السعادة خلف فاترينة باهظة الثمن. بعدها طردني المدير نفسه عند اعتراضي على صفعة تلقاها طفل يتسوّل أمام المحل ونعتني بالـ “عبيط" إذ لم يكن لدي ما يكفي من الواقعية التي تساع تحطيم الحب أمام من لا يملك سعره.
الويسكي أرخص أم الحب؟
حين تقع في الحب فأنت لست سوى
مخموراً بلذته وأماله الزائفة، لذا أنصحك ألا تتعاطى الحب –خاصة في مصر-إن كنت لا
تملك من أمره شيئاً؛ فإنه يموت تدريجياً أو يّزهق روحك كلها مرة واحدة. اشتري
زجاجة من الخمر الفاخر، شغلّ الموسيقى لتداعب قلبك، وارقص حتى تفقد القدرة على
الحركة.
رسالة أخيرة إلى: الذين لا يملكون حق شراء الحب الكبير
الحب لا يفنى الا بزوال دقات
القلب، أما الخمور فإنها تبقى لفترة أقل، والدخان يساندها في رحلة أسهل، وكلهم يؤدي إلى
الوفاة.
ما بين رصيدك في البنك ورصيدك في الحياة
"احمد ربنا على ما تملكه ولا تطمع في المزيد" هذا قول أمي –أسأل الله أن يطمأن قلبها وأن يهبها صبر الجبال ورقة الأزهار-لكنها كأي ربة بيت مصرية بالذات لا تعرف الكثير عما يدور في العالم. أما قولي أنا –عن تجربة-فإن رصيدك في البنك مرتبط برصيدك في الحياة بأكملها من أساسيات (علاج، ملبس، طعام…)، ورفاهيات مثل (الحب، السعادة، الحرية…) والويسكي يوفر لك كل هذا بأقل الأسعار –حتى وإن كان وهماً فهو رخيص الثمن-كما أنه لا يجعلك تحمل أوزار الآخرين على كتفك ولا يترك ندوباً حارقة في قلبك، وإن كنت لا تعشق "التيه" فيمكنك شرب البيبسي مع أغنية لأم كلثوم أو حتى حمو بيكا، لكن حذاري أن تقترب من الحب إن كنت لا تمتلك ما يكفي من الرصيد.
ليست هناك تعليقات