رسالة قصيرة إلى ابنتي في رحم المستقبل – دفتر الغائب
إلى ابنتي (حُلُم) والتي
لم تزل في رحم الكون "لا تكونِ مثل أبيك"... مصر
وطنك فاعشقيها كما أردت يا بُنيتي، لكن بلا جنون أو عنفوان، فبعض الأمور تختلف
أحياناً باختلاف وقت الحكم عليها، حتى وإن كانت تحت لواء الحب، اصحبي الخير، ولكن ليس الي باب المقابر، لا تنحني
أبداً، لكن لا تخلقي من الثورة إعصاراً يجرف كل ما حولك. وأخيراً لا يغرّنك ميراث
أبيك، فالكتب سوف تبتلع روحك وعقلك، حتى تصبحين مثله "إنسانٌ من الورق"
أو شبه إنسان ...
كتبت
تلك الرسالة في العاشر من أكتوبر منذ عامين تقريباً، في وقت كان الحلم فيه مازال
ممكناً، كان يمكنني حينها أن أري المستقبل في عيونٍ صغيرةٍ تحمل صورتي، وتشبه الجنة التي
شرعت بتدشينها في خيالي. أما الآن، وبعد أن كان كل ما كان، فقد وجب عليّ تصحيح رسالتي
إلى (حُلُم) الصغيرة، إذ أن توجيه أي رسالة أو نظرة إلى المستقبل من الآن، هو عبث
لا يضاهيه في الزيف والعشوائية سوى أن يحلم شخصٌ ما في مكاني بحياة عادية من
الأصل!
لا
شك أن اليأس يملأُ تلك الرسالة ويفيض بها، لكن إذا ما نظرنا إلى الحال التي تبدّل إليه
العالم في السنوات الأخيرة من حروب وأوبئة وانهيارات اقتصادية غيرت مسار الكوكب
كلَه، ليس بلدي مصر فقط، ولا حياتي التي تدور في "خوذة رجل الفضاء"
الخاصة بي، الموازين انقلبت، واختلفت، وتردّت، وسقطت بسرعة صاروخ نووي، فكيف لا
ينفجر فوق رأسي ما انفجر على رأس العالم، وكيف لا أخبر حبيبتي الصغيرة بما آلت
إليه الأمور، كيف أخدعها، وقد أستطيع أن أخبرها بالحقيقة، أو نصفها...
ليست هناك تعليقات